كيف تعيد تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي تشكيل صناعة التأمين؟

استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعى  في صناعة التأمين

 يُعرف الذكاء الاصطناعي بأنه قدرة الآلات على تنفيذ المهام التي تتطلب الذكاء البشري، بما في ذلك التعلّم والاستدلال وحل المشكلات ومعالجة اللغة ، ويعتمد على معالجة كميات هائلة من البيانات لاتخاذ القرار من خلال التعرف على مختلف الأنماط وتحليلها.

وتشكل تطبيقات الذكاء الاصطناعي مثل المساعدين الافتراضيين وروبوتات المحادثة وأنظمة التعرف على الوجوه والأداء الصوتي والمركبات ذاتية القيادة جزءًا كبيرا من التطور التكنولوجى. و يؤثر هذا الانتشار الواسع للذكاء الاصطناعي على مختلف الصناعات ، بما في ذلك صناعة التأمين ، حيث يعد التوسع في استخدام الذكاء الاصطناعي (AI) في التأمين رمزاً للثورة الرقمية الأوسع التي تجتاح الصناعات في جميع أنحاء العالم . و يتمتع الذكاء الاصطناعي بالقدرة على إحداث تحول عميق في صناعة التأمين، حيث تؤثر خوارزميات Algorithms الذكاء الاصطناعي في تقييم المخاطر ومعالجة المطالبات وتحسين تجربة العملاء وتقديم منتجات تأمين جديدة بأسعار مناسبة بالإضافة إلى زيادة رضا عملاء التأمين وتطوير صناعة التأمين بشكل عام.

ولكن مع هذا التقدم ظهرت مجموعة جديدة من المخاطر التي يجب على شركات التأمين النظر اليها.. و فهم ومعالجة هذه المخاطر الناشئة لحماية عملائها والصناعة بأكملها ، حيث أدى ظهور أدوات الذكاء الاصطناعي الجديدة مثل ChatGPT إلى النظر إلى الجوانب السلبية والمخاطر المرتبطة بالذكاء الاصطناعي.

كيف تعيد تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي تشكيل صناعة التأمين؟

لقد كانت صناعة التأمين دائمًا واحدة من أكثر الصناعات استخداماً للبيانات، مع وجود كمية كبيرة من بيانات العملاء وبيانات المطالبات وغيرها من المعلومات، تتبنى شركات التأمين الذكاء الاصطناعي (AI) لتبسيط عملياتها وتوفير تجارب أفضل للعملاء حيث ساعدت التقنيات المدعومة بالذكاء الاصطناعي شركات التأمين على ميكنة عملية ميكنة معالجة المطالبات، ، والاكتتاب والكشف عن الغش و الاحتيال في مطالبات التأمين .

و يساعد الذكاء الاصطناعي شركات التأمين في :

1. الكشف عن الاحتيال و الغش

يعد الاحتيال مشكلة كبيرة في صناعة التأمين، ويمكن أن يؤدي إلى خسائر مالية كبيرة ويمكن لخوارزميات الكشف عن الاحتيال المدعومة بالذكاء الاصطناعي تحليل كميات هائلة من البيانات من مصادر مختلفة، بما في ذلك وسائل التواصل الإجتماعي، لتحديد الأنماط التي قد تشير إلى الاحتيال، وبإستخدام خوارزميات التعلم الآلي، يمكن لشركات التأمين إكتشاف المطالبات الإحتيالية وإتخاذ الإجراءات المناسبة نحو ذلك مما يحد من الخسائر الناجمة عن هذه المطالبات الإحتيالية.

• معالجة المطالبات

تعد معالجة المطالبات عملية معقدة تستغرق وقتًا طويلاً بالإضافة إلى التكلفة العالية لذلك تساعد معالجة المطالبات المدعومة بالذكاء الاصطناعي على ميكنة جزء كبير من العملية ، بما في ذلك إدخال البيانات ومسح المستندات ضوئيًا و تقييم الأضرار بإستخدام الذكاء الاصطناعي بشكل أسرع وأكثر دقة، مما يقلل من الوقت المستغرق وتكلفة معالجة المطالبات لشركات التأمين، بالإضافة إلى ذلك يمكن أن تساعد معالجة المطالبات المدعومة بالذكاء الاصطناعي شركات التأمين على تحديد المطالبات الإحتيالية، مما يقلل من إحتمالية حدوث خسائر مالية.

• تحسين تجربة العملاء

تتمتع صناعة التأمين بقدرة تنافسية عالية مما يجعل تحسين تجربة العملاء أمرًا ضروريًا للاحتفاظ بالعملاء و تساعد روبوتات الدردشة والمساعدين الإفتراضيين التي تعمل بالذكاء الاصطناعي على توفير دعم للعملاء على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع (24/7)  (، والإجابة على إستفساراتهم وتوجيههم خلال معالجة المطالبات بكل دقة مما يوفر تجربة سلسة للعملاء بشكل مستمر.

• الاكتتاب

يعد الاكتتاب عملية بالغة الأهمية في صناعة التأمين، ويمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد شركات التأمين على إتخاذ قرارات اكتتاب أكثر دقة من خلال تحليل كميات هائلة من البيانات ، كما يمكن لخوارزميات الاكتتاب المدعومة بالذكاء الاصطناعي تحديد عوامل الخطر (لأنواع معينة من الأخطار) والتنبؤ بالمطالبات المستقبلية مما يُمكن شركات التأمين من إتخاذ قرارات تسعير التغطيات التأمينية بشكل أكثر دقة مما يقلل من المخاطر  والخسائر المالية الناجمة عن التسعير الخاطئ.

• إدارة المخاطر

تعد إدارة المخاطر وظيفة أساسية في صناعة التأمين، ويمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد شركات التأمين على تحديد المخاطر وإدارتها بشكل أكثر فعالية من خلال تحليل البيانات من مصادر مختلفة، بما في ذلك توقعات التغير فى المناخ وبيانات الكوارث الطبيعية، لتحديد المخاطر المحتملة والتنبؤ بتأثيرها من خلال إدارة أكثر دقة للمخاطر، مما يساعد شركات التأمين على إتخاذ قرارات مستنيرة بشأن تسعير التغطيات وإدارة المطالبات، كما تساعد شركات التأمين على تكوين رؤية أفضل للمخاطر من خلال تقديم تغطية تأمينية للمخاطر التي كان من الصعب تأمينها سابقاً على سبيل المثال لا الحصر الجرائم الإلكترونية وكذلك الوصول إلى شرائح عديدة من المجتمع غير مؤمن عليها .

6- التنبوء بالأعطال

تساعد عملية التنبؤ بأعطال المعدات قبل حدوثها شركات التأمين فى تقليل مخاطر المطالبات بسبب تعطل المعدات ، ويمكن لخوارزميات الذكاء الاصطناعي تحليل بيانات المعدات، بما في ذلك أنماط الإستخدام ومقاييس الأداء، لتحديد الأعطال المحتملة قبل حدوثها من خلال التنبؤ بأعطال المعدات وإجراء الصيانة بشكل استباقي مما يقلل من الخسائر.

7-تسويق التأمين

إستخدام الذكاء الاصطناعي لتبسيط عملية التسويق للتغطيات التأمينية المختلفة وتوفير الفرص في الأسواق الناشئة من خلال القنوات الرقمية و إستخدام التطبيقات المختلفة للذكاء الاصطناعي (AI ( لتحسين توزيع المنتجات.

أمثلة على إستخدام حلول الذكاء الإصطناعي في بعض فروع التأمين:

تأمين السيارات

شهد قطاع التأمين على السيارات  تحولا  كبيرا بسبب الذكاء الاصطناعي ومع ظهور تكنولوجيا المعلومات والتأمين القائم على تكنولوجيا الإستخدام، يمكن لشركات التأمين الإستفادة من خوارزميات الذكاء الاصطناعي لتحليل سلوك قائد السيارة وتقدير أقساط تأمين بناءً على البيانات الفعلية لتقييم المخاطر بدقة وتحديد أقساط التأمين وفقًا لذلك. 

وقد بدأت شركات صناعة السيارات في جميع أنحاء العالم في دمج التقنيات المتقدمة في منتجاتها وعملياتها لضمان بقائها في صدارة المنافسين في السوق ، ويظهر تطبيق الذكاء الاصطناعي لشركات التأمين على السيارات تأثيره في السيارات ذاتية القيادة ميكنة من خلال ميكنة عملية الاكتتاب في التأمين على السيارات عن طريق :

• التحليلات التنبؤية للتصنيع:  يساعد إستخدام الذكاء الاصطناعي في تصنيع السيارات شركات صناعة السيارات على تقليل تكاليف التصنيع كما أنه يساعد في التنبؤ بالأعطال التي قد تصيب  أجزاء السيارة والوقاية من الحوادث.
• توصيات صيانة السيارات : تساعد خوارزميات الذكاء الاصطناعي شركات التأمين على السيارات في تقديم توصيات للسائقين حول صيانة السيارات. 
• تحليلات سلوك السائق: توفر تطبيقات السيارات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي للتأمين على السيارات عددًا كبيرًا من التحليلات داخل السيارة حيث يمكن للكاميرات وأجهزة إستشعار الأشعة تحت الحمراء إكتشاف سلوك السائق بدقة وتوفير إشارات تحذيرية لتجنب وقوع الحوادث. 

التأمين على الممتلكات

يساعد الذكاء الإصطناعي على تحسين عملية المطالبات، مما يجعلها أسرع وأكثر دقة من أي وقت مضى حيث  إن قدرتها على ميكنة العديد من المهام تجعلها أكثر كفاءة، وهو ما يترجم إلى تحسين خدمة العملاء و تحقيق نتائج أفضل في مجال  :

• تحليل المخاطر والاكتتاب: يمكن أن يؤدي إستخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات إلى تقييم أكثر دقة للمخاطر المحتملة، وتحديد أفضل التغطيات التأمينية وتقليل مخاطر المطالبات المستقبلية ، وذلك من خلال الأجهزة الذكية التي يتم تركيبها بالمواقع المؤمنة.
• إكتشاف الإحتيال: تساعد روبوتات الدردشة المدعمة بالذكاء الاصطناعي على ميكنة العديد من العمليات التي غالبًا ما تكون عرضه للاحتيال وإتخاذ الإجراءات دون الحاجة إلى تدخل بشري.
• المعالجة الآلية للمطالبات: يمكن للذكاء الاصطناعي مساعدة العملاء في الإبلاغ عن المطالبة، وتسجيل الأضرار أو الخسائر، والتحقق من الشروط والإستثناءات ، والتواصل مع العملاء، وتحديد حالة المطالبات.

التأمين على الحياة

يوفر الذكاء الاصطناعي في التأمين على الحياة الفرصة لتقليل المخاطر من خلال القدرة على تحسين معدل الوفيات، حيث يُمكن إستخدام الذكاء الاصطناعي في اكتتاب التأمين على الحياة جنبًا إلى جنب مع التسعير الفردي والتنبؤ بخطورة المرض وتطوير المنتجات في مجال:

• تقدير معدلات الوفيات: يمكن أن يساعداستخدام الذكاء الاصطناعي في معالجة مطالبات التأمين على الحياة على تحديد معدلات الوفيات الفردية، بالإضافة إلى تقدير احتمال إستمرارية الفرد على قيد الحياة .
• تحسين التسويق والمبيعات: يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي للتأمين على الحياة في تقسيم العملاء وإستهداف الفرص وتحديد العملاء وإقتراح المنتجات التأمينية المناسبة لهم.

الذكاء الاصطناعي والتواصل مع العملاء

تأخذ شركات التأمين في الإعتبار  إحتياجات العملاء وتوقعاتهم المتغيرة ، و يعد دمج الذكاء الاصطناعي والميكنة في نموذج التواصل مع العملاء لشركات التأمين أمرًا بالغ الأهمية ، حيث إنه من خلال الذكاء الاصطناعي يمكن لشركات التأمين الحصول على قاعدة عملاء جديدة تضم فئات عمرية أصغر سنًا إلى جانب تحسين تجارب العملاء  عن طريق :

• زيادة كفاءة عملية إدارة المطالبة: يساعد الذكاء الاصطناعي فى عملية إدارة المطالبات لحاملي وثائق التأمين الجدد والحاليين ومن المتوقع في عام 2030 أن تعمل تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي على تقليل التكاليف المرتبطة بالمطالبات بنسبة تتراوح بين 70 إلى 90٪.

• إدارة التغطيات التأمينية : ستؤدي ميكنة طلبات العملاء بإستخدام برنامج chatbot للذكاء الاصطناعي إلى تقديم تجربة أفضل للعملاء.
• إنشاء عروض الأسعار: عادة ما يكون لدى العملاء أسئلة بعد تلقي عرض الأسعار، و يُمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي الصوتي العملاء في تلبية هذه الطلبات، وبالتالي يوفر على شركات التأمين الكثير من الوقت والتكلفة.

إتجاهات سوق التأمين

تشهد صناعة التأمين مثل العديد من الصناعات الأخرى تحولاً كبيراً بسبب التقدم السريع في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي  حيث ظهر الذكاء الاصطناعي كأداة قوية في قطاع التأمين بدءًا من تقييم المخاطر والاكتتاب وحتى معالجة المطالبات وخدمة العملاء ومن خلال الإستفادة من قدرات الذكاء الاصطناعي فقد وجدت شركات التأمين طرقًا مبتكرة لتحسين عملياتها، وتعزيز تجارب العملاء، والحفاظ على قدرتها التنافسية في سوق دائم التطور. 

إن قدرة الذكاء الاصطناعي على معالجة كميات هائلة من البيانات والتعرف على الأنماط تمكن شركات التأمين من إتخاذ قرارات تعتمد على البيانات، مما يؤدي إلى تقييمات أكثر دقة للمخاطر وتوفر تغطيات تأمينية مناسبة. 

ومن المتوقع بحلول عام 2030 أن يزيد حجم إستخدام الذكاء الاصطناعي في عمليات التأمين مما سيؤدي إلى خفض تكاليف التشغيل بنسبة قد تصل إلى 40%..

حجم استخدام الذكاء الاصطناعي في سوق التأمين (2022 – 2032) بالمليار دولار أمريكي

وقد قدر حجم إستخدام الذكاء الاصطناعي العالمي في سوق التأمين بنحو 4.59 مليار دولار أمريكي في عام 2022، ومن المتوقع أن ينمو بمعدل نمو سنوي مركب قدره 33.06٪ من عام 2023 إلى عام 2032.

حيث يعمل الذكاء الاصطناعي على تمكين شركات التأمين من تبسيط العمليات التي تستغرق وقتًا طويلاً وتستهلك موارد كثيرة، مما يجعل دورة حياة التأمين بأكملها أكثر كفاءة وفعالية من حيث التكلفة ودقة تحليلات البيانات وتقييم المخاطر وتحديد التغطيات و زيادة إبتكار وتنوع المنتجات بما يتناسب مع إحتياجات العملاء.

التحديات والمخاطر الناشئة عن إستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعى في صناعة التأمين

في الآونة الأخيرة، أدى ظهور أدوات الذكاء الاصطناعي الجديدة مثلChatGPT  إلى تسليط الضوء على مخاطر وتحديات الذكاء الاصطناعي في صناعة التأمين والتى تشتمل على عدة مخاوف رئيسية أهمها على سبيل المثال :

خصوصية وسرية البيانات وأمنها

نظرًا لأن الذكاء الاصطناعي في التأمين يعتمد بشكل كبير على تحليل البيانات وتخزينها ومعالجتها، فإن هناك مخاوف متزايدة بشأن خصوصية البيانات وأمنها حيث تتعامل الصناعة مع معلومات العملاء ، وأي إختراق للبيانات أو إساءة إستخدام البيانات الشخصية يمكن أن يؤدي إلى عواقب وخيمة، بما في ذلك الخسائر المالية والإضرار بالسمعة و يصبح إتخاذ تدابير قوية لحماية البيانات والإمتثال للوائح وخصوصية البيانات أمرًا بالغ الأهمية و من المتوقع أن تعيق المخاوف المتعلقة بخصوصية البيانات والأمان نمو السوق خلال الفترة القادمة بعد ظهور إدوات الذكاء الاصطناعي الجديدة مثل Chat GPT والذى يمثل خطرًا إضافيًا على سرية بيانات الشركة والعملاء .

عدم الدقة

يعتمد أداء الذكاء الاصطناعي بشكل كبير على البيانات إذا تم تغذية نظام الذكاء الاصطناعي ببيانات غير دقيقة أو متحيزة أو مسروقة، فسوف يقدم نتائج غير دقيقة مما يؤثر على عملية الاكتتاب وتقييم المطالبات .

سوء الإستخدام

على الرغم من أن نظام الذكاء الاصطناعي قد يعمل بشكل صحيح في تحليله وصنع القرار وغيرها من العمليات إلا أنه لا يزال يواجه خطر إساءة الإستخدام الذى يؤدى إلى التسبب في خسائر كبيرة ومسئوليات قانونية ، على سبيل المثال إستخدام تقنية التعرف على الوجه  والصوت بشكل غير قانونى.

الأُطر التنظيمية و الرقابية

إن المخاوف الرئيسية المحيطة بالذكاء الاصطناعي ليست جديدة ويمكن معالجة هذه المخاوف من

خلال تعزيز أطر الشفافية والامتثال والحوكمة حول إستخدام البيانات من خلال الذكاء الاصطناعي لذا فإن التطور الهائل لإستخدام الذكاء الاصطناعي  أظهر الحاجة إلى إنشاء أُطر تنظيمية جديدة من شأنها وضع معايير طويلة الأجل للإستخدام الأمثل للتكنولوجيا المعتمدة على البيانات.

ويحتل الذكاء الاصطناعي أولويات في جداول أعمال المنظمات الدولية والإقليمية، مثل مجموعة السبعة (G7) ومجموعة العشرين (G20) واليونسكو ومنظمة التعاون الإقتصادي والتنمية (OECD) والمنظمة العالمية للملكية الفكرية (WIPO) والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي، وغيرها ويهدف هذا الحوار الدولي إلى بناء فهم مشترك لتكنولوجيات الذكاء الاصطناعي الناشئة.   

وكان لدى منظمة الأمم المتحدة العديد من المبادرات ذات الصلة بالذكاء الاصطناعي تهدف إلى تحديد مبادئ وأولويات وسياسات إستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي من أجل إسراع وتيرة التقدم نحو تحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة وفيما يلى إستعراض لبعض الإجراءات التنظيمية التي إتخذتها بعض الدول حول  إستخدام تقنيات الذكاء الإصطناعى.

• أوروبا

هناك مبادئ تنظيمية لإستخدام تقنيات الذكاء الإصطناعي صادرة عن الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى تلك المبادئ الصادرة عن فريق الخبراء التابع للمفوضية الأوروبية بشأن قانون الذكاء الإصطناعي(HLEG) ) .

• المملكة المتحدة

شاركت 28 دولة والاتحاد الأوروبي في قمة سلامة الذكاء الاصطناعي التي إستضافتها المملكة المتحدة، والتى حددت فيها أهمية الحاجة إلى التعاون الدولي لتخطيط وإدارة مخاطر الذكاء الإصطناعي كما أشارت ورقة العمل المقدمة في عام 2022 إلى العديد من اللوائح المعمول بها، بما في ذلك مبادئ تنظيم الأعمال الصادرة عن هيئة الرقابة المالية (FCA)، وقواعد حماية البيانات.

• إيطاليا

حظرت السلطات الإيطالية من إستخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعى بسبب المخاوف المتعلقة بخصوصية البيانات، وطالبت بإنشاء بروتوكولات لحماية إستخدام البيانات الشخصية.

• الصين

 نشرت الهيئات التنظيمية متطلبات جديدة منذ ظهور الجيل الي الثاني من تكنولوجيا الذكاء الإصطناعي عام2017والتي إتخذت تدابير وقواعد تحكم  الذكاء الاصطناعي التوليدي Gen AI [2] أكثر تقييداً من التدابير المتخذة في الولايات المتحدة أو أوروبا، وتركز بشكل عام على التأثير الإجتماعي للذكاء الإصطناعي كما  يضم التشريع الجديد تصنيف محتوى الوسائط الذي ينتجه الذكاء الإصطناعي (النص والفيديو والصوت) على أنه إصطناعي، بما يضمن لمقدمو الخدمة أن البيانات والمحتوى صحيحة ودقيقة.

• الهند

 أعلنت وزارة تكنولوجيا المعلومات عن صدور تشريع لحماية العملاء من إختراق البيانات الشخصية.

• أستراليا

في يونيو 2023 حددت الحكومة الأسترالية تدابير وإجراءات للإستخدام الآمن للذكاء الاصطناعي، بينما قامت الجهات التنظيمية  بصياغة التشريعات التي تنظم استخدام الذكاء الإصطناعي في صناعة التأمين.

• الولايات المتحدة

تسعى العديد من الولايات إلى تطبيق المبادئ التنظيمية الصادرة عن الرابطة الوطنية لمفوضي التأمين  (NAIC ) و يركز قانون الذكاء الإصطناعي المقترح على معالجة المخاطر الناشئة عن إستخدام تقنيات الحديثة و تأثيرها على البيانات وإجراءات تخفيف المخاطر وكيفية إدارتها .

• البرازيل

تم تحديد اللائحة التنظيمية لإستخدام تقنيات الذكاء الإصطناعى والتي تتوافق مع قانون الذكاء الاصطناعي الصادر عن المفوضية الأوروبية ومتطلبات مخاطر إستخدام تكنولوجيا الذكاء الإصطناعى.

• مصر

تعد مصر أول دولة عربية أو أفريقية تلتزم بمبادئ منظمة التعاون الإقتصادى والتنمية بشأن الذكاء الإصطناعى المسؤول وقد أنشأت الحكومة المصرية المجلس الوطني للذكاء الاصطناعي في نوفمبر 2019 بإعتباره شراكة بين المؤسسات الحكومية والأكاديميين والممارسين البارزين من الشركات الرائدة في مجال الذكاء الإصطناعي  يرأسه وزير الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات ، والذي يُعد مسؤولًا عن وضع إستراتيجية الذكاء الإصطناعي وتنفيذها وإدارتها من خلال تعاون وثيق مع الخبراء والجهات المعنية وقد تم مؤخراً إصدار الميثاق المصرى للذكاء الإصطناعى المسؤول فى 2023.

هذا بالإضافة إلي الجهود الحثيثة للهيئة العامة للرقابة المالية في مجال التكنولوجيا المالية والتحول الرقمي والمتمثلة في اصدار الأطر التنظيمية والرقابية الداعمة للتكنولوجيا المالية وتطبيقاتها في مجال التأمين ، ومن أهمها القرارات التنفيذية لتفعيل القانون رقم 5 لسنة 2022 بشأن تنظيم وتنمية استخدام التكنولوجيا المالية في الأنشطة المالية غير المصرفية، وهي القرارات 139 و140 و141، والتي من شأنها أن تمهد الطريق أمام بدء عهد جديدة للقطاع المالي غير المصرفي وصناعة التأمين  في مجال التحول الرقمي لتحقيق الشمول المالي.

تساهم التقنيات المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي بدور هام في تطوير قطاع التأمين، إذ تساعد التحليلات التنبؤية التي تم تطويرها بإستخدام تقنيات الذكاء الإصطناعي والتعلم الآلي شركات التأمين على إدارة وتقليل المخاطر وإتخاذ التدابير الإستباقية للتخفيف من حدة هذه المخاطر. كما تساعد التقنيات الذكاء الإصطناعى على ميكنة عمليات الاكتتاب ، والتعامل مع المطالبات، وتحقيق دقة أكبر في سياسات تسعير التغطيات التأمينية .

لذا على شركات التأمين أن تولي أهمية كبيرة لدعم الإبتكارات التقنية وإعتماد ونشر الحلول الرقمية خلال السنوات القادمة مما يعزز من مقومات النمو والإبتكار في قطاع التأمين لاسيما في ضوء الإطار التشريعي والرقابي الداعم مع الأخذ في الاعتبار تجنب المخاطر المحتملة في تطبيق هذه التكنولوجيا .