2025 Cairo Fourm .. الخبير الأممي جيفري ساكس: على مصر والدول النامية أن تمضي قدمًا ولا تنتظر الغرب

أكد الأستاذ جيفري د. ساكس، أحد أبرز خبراء التنمية المستدامة في العالم، أن مصر تمتلك ثروة طبيعية نادرة تتمثل في شمسها الساطعة التي يمكن أن تجعلها من أكبر منتجي الطاقة النظيفة في العالم.
وأوضح خلال مداخلة عبر تطبيق “زووم” في فعاليات منتدى القاهرة2025 Cairo Fourm أن مصر تمتلك الإمكانات الكافية لتصبح محطة الطاقة الرئيسية لأوروبا إذا استثمرت بشكل استراتيجي في إنتاج الألواح الشمسية وإنشاء شبكات نقل للطاقة تمتد شمالاً عبر البحر المتوسط.
وأضاف أن مستقبل الطاقة في العالم سيتحوّل نحو الاعتماد على الطاقة المتجددة، ومصر مؤهلة لتكون قلب هذا التحول الأخضر، مشيرًا إلى أن الاستثمار في الشباب والتعليم يأتي في مقدمة الأولويات لضمان نجاح هذه الرؤية الطموحة.

التحول الأخضر والرقمي: ركيزة التنمية المستقبلية لمصر

شدد ساكس على أن التحول الأخضر والرقمي ليس رفاهية بل ضرورة حتمية في ظل التحديات السكانية والاقتصادية التي تواجهها مصر.
وأشار إلى أن الدولة بحاجة إلى خطة متكاملة تجمع بين التعليم، والمهارات، والتكنولوجيا، والبنية التحتية، بحيث تكون قادرة على بناء اقتصاد مستدام يناسب المستقبل.
وأضاف أن مصر تقف اليوم أمام فرصة تاريخية للاستفادة من مواردها الطبيعية والبشرية، مؤكدًا أن التنمية الحقيقية تبدأ بالاستثمار في الإنسان، وتنتهي ببناء بيئة اقتصادية خضراء متكاملة.

العالم المتعدد الأقطاب: فرص جديدة للتعاون الدولي

تناول ساكس التحولات في النظام العالمي، مؤكدًا أن العالم بات يعيش مرحلة تعدد الأقطاب السياسية والاقتصادية، بعد تراجع سيطرة الولايات المتحدة على النظام الدولي.
وأوضح أن هذا التحول يمثل فرصة سانحة للدول النامية، ومنها مصر، لتبني سياسات أكثر استقلالية وتعاونًا مع قوى عالمية متعددة.
وأكد أن مفهوم “الأمن المشترك” يجب أن يكون الأساس في إدارة العلاقات الدولية، داعيًا إلى احترام سيادة الدول، والابتعاد عن الصراعات التي تجر العالم إلى الحروب.

التكامل الإقليمي: مفتاح التنمية في الشرق الأوسط

دعا ساكس إلى إحياء فكرة التكامل العربي والإقليمي باعتبارها السبيل الأمثل لتحقيق التنمية والاستقرار في المنطقة.
وقال إن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر كان متقدمًا في رؤيته لوحدة العرب، وأن الظروف اليوم أصبحت أكثر ملاءمة لتجديد هذا المشروع في صيغة اقتصادية وتنموية حديثة.
وأوضح أن التكامل لا يعني فقط التعاون السياسي، بل يشمل تطوير البنية التحتية المشتركة، وربط شبكات النقل والطاقة، وتنسيق السياسات البيئية والتعليمية، بما يعزز النمو في المنطقة بأكملها.

حل الدولتين: الطريق الوحيد نحو سلام حقيقي

وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، أكد ساكس أن السلام الحقيقي في الشرق الأوسط لن يتحقق إلا بإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967، تعيش جنبًا إلى جنب مع دولة إسرائيل.
وشدد على أن أي مبادرات سلام تتجاهل هذا الأساس القانوني الدولي “ليست سوى محاولات لتأجيل الحل”، مؤكدًا أن مصر ودول الإقليم قادرة على لعب دور الوسيط الفعّال لإحياء المسار السياسي العادل.
وأضاف أن احترام قرارات الأمم المتحدة وتطبيق القانون الدولي هو الطريق الوحيد لإنهاء دوامة الصراع وتحقيق استقرار دائم في المنطقة.

شبكة طاقة إقليمية تربط إفريقيا وأوروبا

طرح ساكس رؤية طموحة لإنشاء شبكة طاقة نظيفة عابرة للحدود تربط بين مصر وأوروبا عبر شرق المتوسط وشمال إفريقيا، مؤكدًا أن هذا المشروع سيشكل نواة لنظام طاقة عالمي خالٍ من الانبعاثات.
وأوضح أن موقع مصر الجغرافي يجعلها مؤهلة لتكون المركز الإقليمي لهذا المشروع، بفضل وفرة الطاقة الشمسية وتطور بنيتها التحتية في مجالات النقل والكهرباء.
وأضاف أن مثل هذا المشروع لا يحتاج سوى تعاون سياسي وتمويل دولي، مشيرًا إلى أن نتائجه ستعود بالنفع على مصر والمنطقة والعالم بأسره.

دور إفريقيا والبريكس في صياغة مستقبل التنمية

أشاد ساكس بالدور المتنامي لـ الاتحاد الإفريقي في دعم التكامل القاري، مؤكدًا أن مصر تمثل نقطة التقاء محورية بين إفريقيا والعالم العربي وأوروبا.
وأشار إلى أن مستقبل التنمية في العالم لم يعد مرهونًا بالغرب وحده، بل يتجه نحو تكتلات اقتصادية جديدة مثل تجمع البريكس (BRICS) الذي يضم نصف سكان العالم ونصف الناتج المحلي العالمي.
وحث الدول النامية، ومن بينها مصر، على تعزيز شراكاتها مع الصين والهند والبرازيل وجنوب إفريقيا وروسيا، باعتبارها قوى اقتصادية صاعدة تمثل المستقبل الحقيقي للتنمية العالمية.

خاتمة: مصر في قلب التحول العالمي

اختتم الأستاذ جيفري د. ساكس كلمته بالتأكيد على أن مصر تمتلك كل المقومات لتكون في طليعة التحول العالمي نحو التنمية المستدامة، إذا أحسنت استثمار طاقتها الشمسية، وطورت تعليمها، وربطت طاقتها النظيفة بشبكات إقليمية ودولية.
وقال إن مصر، بما تمتلكه من موقع استراتيجي وثروة بشرية وموروث حضاري عريق، يمكن أن تكون رائدة التحول الأخضر في الشرق الأوسط وإفريقيا خلال السنوات الخمس والعشرين القادمة.