يشكل الذكاء الاصطناعى «Artificial Intelligence» فرصة لآلاف الأشخاص حول العالم، لتسهيل العديد من مهامهم اليومية، وتحسين جودة حياتهم، لكنه قد يمثل تحديًا كبيرًا فى الوقت نفسه ، خاصة على أمن الأفراد الذى يعتبر أساس الأمن المجتمعى ككل.
فبرغم الفوائد والمميزات التى يقدمها الذكاء الاصطناعى للافراد، فإن الجانب المظلم لتلك التكنولوجيا المتقدمة ظهر أسرع من المتوقع، وبدأ يشكل خطرًا على الأفراد والمجتمعات والمؤسسات، عبر تقنيات «التزييف العميق»، التى تمكّن المحتالين من إنتاج محتوى وهمى يُشبه الواقع، مثل الصور والفيديوهات والأصوات (الرسائل الصوتية)، واستخدامها فى عمليات النصب.
حيث نتج عن إساءة استخدام تلك التقنيات عمليات نصب واحتيال عديدة لابتزاز الأفراد، وسط مخاوف من أن تتطور تلك الافعال لتنفيذ عمليات احتيالية واسعة النطاق، مثل تزوير التوقيعات والشهادات الرسمية.
ويتوقع خبراء التكنولوجيا تزايد هذه المشكلات فى المستقبل، خاصة مع تطور التقنيات وتوافرها بسهولة، تحديدًا فيما يتعلق يتقنية تزييف الأصوات.
التزييف العميق:
هي تقنية تقومُ على صنعِ فيديوهات مزيّفة عبر برامج الحاسوب من خِلال برامج الذكاء الاصطناعي. حيث تقومُ هذهِ التقنيّة على محاولة دمجِ عددٍ من الصور ومقاطع الفيديو لشخصيّةٍ ما من أجلِ إنتاج مقطع فيديو جديد – باستخدام تقنية التعلم الآلي – قد يبدو للوهلة الأولى أنه حقيقي لكنّه في واقع الأمر مُزيّف.
تقنيات التزييف الصوتي
تعد تقنية الصوت التي تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي أحد هذه التطورات التكنولوجية التي تتمتع بإمكانيات هائلة ولكنها في بعض الأحيان تجلب معها تهديدات جديدة.
وحتى الآن تم استخدام تقنية تزييف الصوت لأغراض الترفيه على سبيل المثال ، تم بالفعل استخدام اصوات بواسطة الذكاء الاصطناعي في الأفلام لتكرار أصوات الممثلين أو استخدام أصوات مطربيين قد توفوا بالفعل منذ عشرات السنوات لغناء بعض الأغاني الحديثة ، وبجانب الأغراض الترفيهية يمكن استخدامها قريبًا لأغراض تعليمية مثل الكتب الصوتية.
الاحتيال عن طريق تزييف الأصوات
يحتاج المحتال إلى مقطع مدته 20 ثانية لشخص يتحدث – يتم تنزيله عادةً من منصات التواصل الاجتماعي – لاستنساخ صوت الشخص وذلك لاستخدامه في ارتكاب عمليات احتيال.
إن الاستخدامات الإجرامية لتقنية الصوت التي تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي لا حصر لها، حيث يمكن للمحتالين الاتصال ببعض الاشخاص ومحاولة خداعهم باستخدام أصوات اشخاص يعرفونهم بالفعل للقيام ببعض الإجراءات ، مثل إرسال الأموال أو مشاركة المعلومات الشخصية الخاصة بالبنوك.
المخاطر التي يتسبب فيها التزييف العميق
من الواضح أن المشكلات المتعلقة بتقنية التزييف العميق متعددة ، بدءاً من انتهاكات الخصوصية إلى انتهاكات قانون حقوق الطبع والنشر – مع الاستخدامات في النشاط الإجرامي مثل الاختطاف أو النشاط الاحتيالي.
كما هو الحال مع غالبية التكنولوجيا ،فإن معظم أدوات الذكاء الاصطناعي سهلة الاستخدام والوصول وغالبًا ما تكون متاحة مجانًا على الإنترنت في بعض الدول. مما يعني أنه لا توجد حدود لاستخدام تلك التقنية مما يشكل تهديداً على الاشخاص.
وبالنسبة للاشخاص المعروفين ، هناك خطر أن يتم استنساخ صوتهم وتسجيله بشيئًا مثيرًا للجدل ، مما قد يضر بسمعتهم امام الجمهور. وتمتد مخاطر التزييف العميق أيضًا إلى اختراق الأمان والخصوصية. وعلى وجه التحديد، تقنية التعرف على بصمة الوجه.
ويمكن تلخيص مخاطر التزييف العميق في النقاط الاتية
- نشر التضليل والدعاية الكاذبة.
- الإضرار بالسمعة
- اختراق الأمان والخصوصية
التحديات التي تواجهها شركات التأمين تجاه التزييف العميق
تواجه شركات التأمين على الممتلكات خاصة فرع التأمين ضد الحوادث تحديات متعلقة يتقنية التزييف العميق. حيث يمكن للمحتالين إنشاء مستندات وصور فوتوغرافية لممتلكات أو عمل تجاري غير موجود واستخدامهم لشراء وثيقة تأمين.
فمن حيث الادعاءات، يمكن تزيف الحوادث والحرائق بالقليل من الخبرة التكنولوجية. وذلك عن طريق استخدام أي تطبيق لتزييف الصور.
ونظرًا لاستمرار نمو الخدمات التي تتم بشكل آلي في صناعة التأمين والتي تمكن الأشخاص من تقديم مطالبات بالصور الكترونياً فهناك احتمالية حدوث خسائر فادحة من خلال الاحتيال في التأمين في حالة عدم وجود أجهزة الكشف عن التزييف العميق.
وبالرغم من أن قطاع التأمين يعمل في الوقت الحالي على زيادة الخدمات الآلية بمعدل سريع، لكن تلك السرعة لا تتماشى مع السرعة مع معدل استخدام شركات التأمين لبرامج اكتشاف الاحتيال. ففي استطلاع رأي أجرته إحدى الشركات، أوضح أن أكثر من 50٪ من شركات التأمين يخططون لتقديم خدماتهم بشكل آلي في غضون عام، بينما يستخدم 22٪ فقط من الشركات شكلاً من أشكال برامج الكشف عن التزييف العميق.
الحلول المحتملة لشركات التأمين لمواجهة تكنولوجيا التزييف العميق
عادةً ما يكون هناك خياران يظهران أمام شركة التأمين، بمجرد تلقي الوسائط التي تم التقاطها عبر المؤمن لهم. ويجوز لها إما أن تطلب من المؤمن له إعادة إتخاذ الصور أو مقاطع الفيديو، أو قد تقبل الوسائط وتقوم بالتحقق من صحتها بنفسها. ومع ذلك، ما لم يكن لدى المؤمن له سجل من عمليات الاحتيال في مجال التأمين، فمن غير المرجح أن تقوم شركة التأمين بإجراء فحص متعمق للصور والفيديوهات المرسلة.
ولحسن الحظ مع النمو السريع في التحول الآلي للعديد من المعاملات، تم أيضًا تحقيق تقدم كبير في تصميم البرامج القادرة على اكتشاف التزييف العميق. حيث يشارك الباحثون بإستمرار في تطوير أدوات الذكاء الاصطناعي القوية التي يمكنها اكتشاف صحة صورة أو مقطع فيديو معين. هذه الأدوات هي في الأساس روبوتات تم إدارتها لفحص كمية هائلة من البيانات وتدريبها بشكل روتيني لتحديد مجموعة معينة من الحالات الشاذة والأنماط التي قد قد تكون ناتجة عن تزييف عميق. وذلك عن طريق تحليل تناسق الضوء والظلال بالصورة، إلى إكتشاف التناقضات في أنماط الضرر بالممتلكات المؤمن عليها.
ومع ذلك، فإن تنفيذ تلك الآليات ليست بالأمر السهل. فعلى سبيل المثال، قد يستغرق تحليل الصور ومقاطع الفيديو لإكتشاف عمليات التزييف العميقة قدراً كبيراً من الوقت والمال، وذلك نظراً للتقدم المستمر والسريع في تكنولوجيا التزييف العميق.
التغطيات التأمينية
قد توفر بعض وثائق التأمين مثل وثيقة التأمين أو تأمين مخاطر السمعة، بعض التخفيف من الخسارة المالية نتيجة لحادث التزييف العميق، لكن يعتمد ذلك على شروط الوثيقة وتغطيتها.
تأمين الأخطار الالكترونية
يعد تأمين الأخطار الالكترونية من التغطيات المستحدثة وهى حماية تأمينية تستخدم لحماية الشركات أو أى شخص يزاول نشاطاً معيناً عن طريق شبكة الانترنت وكذلك الأفراد المستخدمين لشبكة الانترنت من المخاطر القائمة على استخدام تلك الشبكة. وبشكل أشمل هو تأمين من الأخطار المتعلقة بالبنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات وأنشطتها.
ويندرج هذا النوع من التأمين تحت مظلة تأمينات المسئوليات غير أنه عادة ما يتم استثناؤه من وثائق المسئوليات النمطية ويتم تغطيته بوثيقة خاصة فى حالة طلب العميل لذلك.
أهم التغطيات التأمينية
- سرقة أو ضياع أو تدمير البيانات أو المعلومات الشخصية أو التجارية أو أى بيانات ذات قيمة للعميل.
- تعطل وسائل الاتصالات الخاصة بالعميل مثل الموقع الالكترونى الخاص به.
- سرقة الأموال الخاصة بالعميل عن طريق إختراق حساباته الشخصية.
لذلك بدأت شركات التأمين التي تكتتب في المسؤولية الالكترونية في اتخاذ بعض الإجراءات الوقائية ويتضمن ذلك، على سبيل المثال لا الحصر، العمل على رفع مستوى الحماية في جميع أنحاء المؤسسة، واستخدام برامج كشف التزييف، والتركيز المتجدد على حماية أنظمة العاملين من المنزل، وزيادة وعي المستخدمين والشركاء بتلك الأساليب.
تأمين مخاطر السمعة
مع انتشار برامج الذكاء الاصطناعي يمكن أن تؤدي تقنية التزييف العميق Deepfakes إلى تدمير سمعة الشركة، واختراق انظمتها ، والاحتيال على المستخدمين للضغط على روابط لاختراق حساباتهم، وإقناع الوكلاء الماليين بتحويل الأموال إلى حسابات خارجية.
فعند الإضرار بسمعة شركة، يمكن أن يؤدي ذلك إلى خسارة الشركة لعملائها و أرباحها، وحتى قدرتها على الاستمرار في ممارسة نشاطها بشكل كبير ولفترة زمنية طويلة.
لذلك يعوض هذا النوع من التأمين الأضرار المالية الناتجة عن الإضرار بسمعة الشركة
لقراءة المزيد من المعلومات فيما يخص تأمين السمعة يرجى قراءة نشرة الاتحاد المصري للتأمين عدد 274 والتي بعنوان “التأمين ضد مخاطر السمعة”.
خطوات تجنب عمليات التزييف العميق Deepfakes
يجب أن يكون منع الضرر الناجم عن هجمات التزييف العميق جزءاً من الإستراتيجية الأمنية للمؤسسة. حيث يجب على الشركات متابعة المستجدات العالمية فيما يخص الأمن الالكتروني وأمن البنية التحتية للحصول على إجراءات التخفيف من هجمات التزييف العميق.
يمكن للشركات أيضاً القيام بما يلي للحماية من هجمات الاحتيال:
- إنشاء إجراءات أمنية قوية
- تطوير عملية مصادقة Sync متعددة الخطوات تتضمن أنظمة موافقة لفظية وداخلية.
- إجراء هندسة عكسية لكيفية استخدام المحتالين للتزييف العميق لاختراق أنظمة الأمان.
- وضع السياسات والإجراءات بناءً على معايير الصناعة والمعايير الجديدة.
- البقاء على اطلاع بأحدث الأدوات والتقنيات للتصدي لعمليات التزييف العميق المتطورة.
- التقليل من كمية المعلومات الشخصية التي يتم مشاركها عبر الإنترنت، لا سيما على منصات التواصل الاجتماعي. فغالباً ما يعتمد المحتالون على البيانات المتاحة للجمهور لجمع عينات صوتية لاستنساخ الصوت وجمع صور لتزييف فيديو.
رأي الاتحاد
يعد الاتحاد المصري للتأمين من أول الكيانات التأمينية التي حرصت على إلقاء الضوء على الاتجاهات الحديثة الخاصة بالتطور التكنولوجى ومايصاحبها من أخطار، حيث يسعى الاتحاد دائماً إلى دعم وتطوير سوق التأمين المصري وذلك بمحاولة إطلاع السوق على المستجدات العالمية والاتجاهات العالمية الحديثة فيما يتعلق بالتغطيات التأمينية والتي من الممكن أن يتم تطبيق بعضها في السوق المصري مما يمثل عامل جذب مهم لبعض انواع العملاء. وانطلاقاً من إيمان بعض شركات التأمين بأنه يجب الاستجابة لطلبات العميل وموافاته بالتغطية التي تلائم احتياجاته.
هذا بالإضافة الي الدور الذي يقوم به الاتحاد المصري للتأمين في زيادة الوعي التأميني للعاملين بهذا القطاع وتشجيعهم نحو سلوك نفس المنهج العالمي في عملية الابتكار وتقديم التغطيات التأمينية المصممة خصيصا للعملاء. ولكن بما يتناسب مع احتياجات عملاء السوق المصري. لذلك يوصي الاتحاد شركات التأمين بإتخاذ اللازم نحو دراسة هذا النوع من المخاطر على السوق المصري.
قام الاتحاد أيضاً بتحويل لجنه نظم المعلومات إلى لجنه التحول الرقمي وتطوير نطاقها واختصاصاتها عند إعادة تشكيل اللجان .
فضلاً عن الجهود الحثيثة للهيئة العامة للرقابه المالية في دعم الأمن السيبراني ومنها على سبيل المثال لا الحصر كتاب رئيس الهيئة الدوري رقم ٣ لسنه ٢٠٢٣ لتعزيز الأمن السيبراني بشركات التأمين بالسوق المصري.
هيئة البريد تصدر طابع بريد تذكاريًّا بمناسبة مرور ١٠٠ عام على رحيل فنان الشعب سيد درويش
أصدرت الهيئة القومية للبريد طابع بريد تذكاريًّا بمناسبة مرور ١٠٠ عام على رحيل فنان الشعب س…