‫الرئيسية‬ اقتصاد رحلة قطاع الطيران نحو الاستدامة وعلاقتها بصناعة التأمين
اقتصاد - التأمين - يوليو 28, 2024

رحلة قطاع الطيران نحو الاستدامة وعلاقتها بصناعة التأمين


في عصر يتسم بالترابط العالمي والتقدم التكنولوجي السريع، يعدّ الطيران من أهم وسائل النقل الحديثة. حيث ساعد على النمو الاقتصادي والتبادل الثقافي والاتصال على نطاق غير مسبوق في تاريخ البشرية. وعلى الرغم من أثره الايجابي الذي لا يمكن إنكاره، يتعرض قطاع الطيران للانتقاد بشكل متزايد بسبب تأثيره على البيئة بشكل كبير، ولا سيما مساهمته في انبعاثات الغازات الدفيئة وتغير المناخ.
وقد أدت ضرورة التخفيف من هذه العواقب البيئية إلى تحفيز التحول النموذجي داخل صناعة الطيران نحو الاستدامة. تشمل الاستدامة في مجال الطيران نهجا متعدد الأوجه، والذي لا يقتصر على الحد من انبعاثات الكربون فحسب، بل يشمل أيضا الاستخدام الفعال للموارد، وتقليل النفايات، ومراعاة الآثار الاجتماعية والاقتصادية.
تستعرض هذه النشرة التحديات التي تواجه قطاع الطيران للتحول نحو الاستدامة والابتكارات التكنولوجية التي تقود هذا التحول، بالإضافة إلى الأطر الاقتصادية والتنظيمية التي تشكل مساره وأيضاً دور التأمين تجاه انبعاثات قطاع الطيران. ومن الأمور الأساسية دراسة التحديات والفرص التي تقدمها مبادرات الاستدامة، وتأثيرها على أصحاب المصلحة داخل قطاع الطيران وخارجه، والدور المحوري للبحث والتطوير في رسم مستقبل مستدام لقطاع الطيران.

التحديات التي تواجه رحلة قطاع الطيران نحو الاستدامة

ظهرت صناعة الطيران خلال عصر الوقود الأحفوري الوفير وغير المكلف إلى حد كبير، و لكنها تتجه الآن كغيرها من الصناعات لتوجيه جهودها نحو إزالة الكربون.
إن تقديرات التأثير البيئي للطيران – وخاصة مساهمة الصناعة السنوية في انبعاثات الكربون العالمية الناجمة عن النشاط البشري – تصل عادة إلى ما يزيد قليلا عن 2٪. كما يمثل 12% من إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن وسائل النقل.
ويتفاقم التحدي المتعلق بقضايا استدامة الطيران وتحقيق الممارسات المستدامة من خلال خلفية نمو سنوي يبلغ حوالي 5٪ في السفر الجوي. وفي حين أصبحت الطائرات أكثر كفاءة في استهلاك الوقود بنسبة 70% خلال النصف الأخير من القرن العشرين، إلا أن إجمالي الانبعاثات ارتفع بشكل ملحوظ مع تزايد الإقبال على السفر الجوي. وعلى الرغم من التوقف المؤقت بسبب فيروس كورونا، فمن المتوقع أن يستمر النمو بشكل كبير. وفي عام 2018، قدر الاتحاد الدولي للنقل الجوي (IATA) أن أعداد النقل الجوي يمكن أن تتضاعف بحلول عام 2038.
وعلى الرغم من أن قطاع الطيران يمثل حصة صغيرة نسبيًا بالنسبة للانبعاثات العالمية ولكنه يمثل أكثر القطاعات صعوبة في إزالة الكربون، ومع ذلك التزم القطاع بتحقيق صافي انبعاثات صِفرية بحلول عام 2050.
وباعتبار الطيران صناعة عالمية، تتعرض تلك الصناعة لأنظمة مختلفة لإزالة الكربون وإعداد لتقارير الاستدامة، ويزيد من هذا التعقيد حقيقة أن نمو طلب الركاب فاق بكثير تدابير خفض الانبعاثات.
ونتيجة لذلك، ستكون هناك حاجة إلى بذل جهود أكبر لإزالة الكربون في السنوات المقبلة حيث تختلف الشركات في قطاع الطيران بشكل ملحوظ من حيث مدى استعدادها لمواجهة تغير المناخ والانتقال إلى اقتصاد أكثر استدامة .
ويشكل اتجاه النمو ثقلاً موازناً كبيرا لطموحات إزالة الكربون في هذا القطاع، حيث أنه من المتوقع أن يأتي جزء كبير من النمو المستقبلي لهذا القطاع من الأسواق الناشئة، لا سيما في آسيا وإفريقيا، نظراً لأن النمو الاقتصادي السريع والتوسع الحضري أدى إلى زيادة كبيرة في الطلب على السفر الجوي.
وعلى الرغم من أن النمو يوفر فرصًا كبيرة لشركات الطيران والمطارات ومصنّعي الطائرات ومقدمي تمويل الطيران، إلا أن استراتيجيات النمو يجب أن تأخذ في اعتبارها التأثير السلبي على البيئة الناتج من الانبعاثات، حيث أصبح المستثمرون وشركات التأمين يأخذون في اعتبارهم الأمور الخاصة بالاستدامة وذلك باعتبارها جزءًا لا يتجزأ من تقييم المخاطر المالية وقرارات تخصيص رأس المال مع العمل على تسريع الوصول الى صافي صفر من الانبعاثات.
كما يتوقع العديد من المحللين أن تصبح قضايا الاستدامة عاملاً أكثر أهمية في عملية اتخاذ القرار لدى المستهلكين، بما في ذلك قراراتهم بشأن السفر واختيارهم لشركة الطيران.
خيارات الطاقة النظيفة للمساهمة في تقليل الانبعاثات

تعتبر الرحلات الجوية المتوسطة والطويلة أكثر صعوبة في إزالة الكربون وأقل ملاءمة للتكنولوجيات المبتكرة مثل الهيدروجين والطاقة الكهربائية، حيث تمثل الرحلات الجوية المتوسطة والطويلة نسبة 73% من انبعاثات الكربون في صناعة الطيران.
لذلك يعتبر العنصر الرئيسي لخفض انبعاثات رحلات الطيران المتوسطة والطويلة هو الوقود المستخدم في الطيران والذي من المرجح أن يعتمد على وقود الطيران المستدام (Sustainable Aviation Fuel) ، مع توقع أن يكون للهيدروجين والطاقة الكهربائية دور محدود (جدول رقم 1).
و يعرف وقود الطيران المستدام SAFبالوقود البديل المصنوع من مواد أولية غير بترولية والتي تساعد على تقليل الانبعاثات الناتجة عن النقل الجوي.
ومن المزايا الأساسية في استخدام SAF:

  1. توافق المحرك والبنية التحتية – يمكن استخدام وقود الطيران المستدام (SAF) ممزوج مع Jet A -و هو نوع من الوقود التقليدي الذي يستخدم في الطيران التجاري- في الطائرات والبنية التحتية الحالية.
  2. انبعاثات أقل – بالمقارنة مع وقود الطائرات التقليدي، يتمتع SAF بالقدرة على تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة تصل إلى 94% اعتمادًا على المواد الخام والتطور التكنولوجي.
  3. مزيد من المرونة – يعتبر SAF بديلاً لوقود الطائرات التقليدي، مما يسمح بمنتجات متعددة من مختلف المواد الأولية وتقنيات الإنتاج.
    و وفقًا لمنظمة الطيران المدني الدولي (ICAO)، اعتمدت أكثر من 360.000 رحلة جوية تجارية على وقود الطيران المستدام في 46 مطار مختلف يتركز معظمها في الولايات المتحدة وأوروبا.
    ومع ذلك، هناك تحديان رئيسيان مرتبطان بوقود الطيران المستدام:
    أولاً : زيادة الطلب: حيث أعلنت بعض الوكالات الفيدرالية أنه من المتوقع توسيع استهلاك الولايات المتحدة من وقود الطيران المستدام ليصل إلى 3 مليارات جالون في عام 2030 و35 مليار جالون في عام 2050 ، مما سيؤدي إلى انخفاض انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 50٪ على الأقل. وعلى الرغم من إنشاء العشرات من مرافق الإنتاج الجديدة و تخصيص استثمارات تقدّر بمليارات الدولارات، إلا أنه لا يوجد حتى الآن ما يكفي من وقود الطيران المستدام للحد من الانبعاثات المتزايدة الناجمة عن زيادة السفر الجوي.
    ثانياً: ارتفاع التكلفة: حيث يمثل وقود الطيران المستدام تكلفة مالية أعلى بمعدل يصل الي أربع أضعاف عن وقود الطائرات التقليدي .
    وعلى الرغم أن المطارات مسؤولة بشكل مباشر عن 2% فقط من إجمالي الانبعاثات الناجمة عن قطاع الطيران، إلا أنها سيكون لها دور جوهري في تسهيل عملية إزالة الكربون. ويشمل ذلك تبني خيارات (مثل استخدام الكهرباء و الطاقة الشمسية أو البطاريات) لتشغيل العمليات على الأرض والبنية التحتية الجديدة لدعم استخدام مصادر للطاقة منخفضة الانبعاثات (مثل الهيدروجين).

دور التأمين تجاه انبعاثات قطاع الطيران
يمثل تأمين الطيران دوراً هاماً ؛ باعتبار سوق التأمين هو السوق الذي يضمن كل الجهات الفاعلة في صناعة الطيران ، والذي يقوم ايضاً بدوره في التأمين على التكنولوجيا التي ستجعل التحول إلى طيران أكثر استدامة أمرًا ممكنًا.
ويلعب تأمين الطيران أيضًا دورًا حيويًا في الاستدامة بطرق أخرى، على سبيل المثال من خلال :

  • تمكين طائرات الإمداد وسيارات الإسعاف الجوي من الوصول إلى الأماكن التي تقع بها كوارث. حيث تساعد التغطية التأمينية اليوم على إيصال هذه الطائرات إلى بعض المجتمعات الأكثر ضعفًا في العالم.
  • يدعم تأمين الطيران التغطية التأمينية للطائرات بدون طيار والأقمار الصناعية وغير ذلك. لذلك تقوم شركات التأمين بتقييم وإدارة ونقل المخاطر المرتبطة بهذه المجالات وايضاً التكنولوجيا والبنية التحتية التي تدعمها. حيث يجب ان يكون هناك تدابير معروفة تتخذها شركات التأمين لتشكيل محافظ التأمين الخاصة بها لتأمين الطيران، على سبيل المثال من حيث اختيار المخاطر أو تصميم المنتج.
  • تحتاج شركات التأمين لتحديد معايير لقياس الانبعاثات في قطاع الطيران. و من الناحية النظرية، يعد توحيد هذه المعايير أمرًا بالغ الأهمية لجعلها قابلة للاستخدام بتكلفة معقولة. ومع ذلك، ونظراً للطبيعة الدولية لقطاع التأمين على الطيران، فمن الصعب للغاية التنبؤ بكيفية تحقيق هذا التوحيد.
  • تعمل بعض شركات التأمين بشكل مكثف على مسألة تقييم محفظة تأمين الطيران الخاصة بها وفقًا للمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة (ESG). ومن الجدير بالذكر، أن لائحة التصنيف التابعة للمفوضية الأوروبية ستجبر شركات التأمين تدريجياً على أن تصبح أكثر استدامة. بالإضافة إلى تنظيم استثماراتها وأنشطتها التشغيلية وفقًا لمعايير ESG، كما سيكون هناك تركيز متزايد من جهة شركات التأمين لإلقاء نظرة فاحصة على تأثير محفظة التأمين الخاصة بهم على تحقيق أهداف المفوضية الأوروبية للالتزام بالمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة (ESG) بنجاح.

استراتيجيات شركات التأمين لتقليل الانبعاثات الناجمة عن قطاع الطيران
تضع شركات التأمين العديد من الاستراتيجيات التي يمكنها استخدامها لمعالجة الانبعاثات الناجمة عن قطاع الطيران:

  1. تقييم المخاطر والتسعير: يمكن لشركات التأمين دمج انبعاثات الكربون والأثر البيئي في نماذج تقييم المخاطر الخاصة بها. حيث يمكنهم تعديل أقساط التأمين بناءً على التأثير البيئي لأسطول طائرات عملائهم. وهذا من شأنه أن يحفز شركات الطيران على تقليل الانبعاثات لخفض تكاليف التأمين.
  2. أهداف خفض الانبعاثات: يمكن لشركات التأمين تحديد أهداف لعملائها في قطاع الطيران لتقليل الانبعاثات بمرور الوقت، كما يمكنهم تقديم حوافز مالية أو أسعار تفضيلية لشركات الطيران التي تلبي هذه الأهداف أو تتجاوزها.
  3. منتجات التأمين المستدامة: يمكن أن يكون تقديم منتجات تأمين محددة تلبي ممارسات الطيران الخضراء أو المستدامة نهجًا آخر. يمكن أن توفر هذه المنتجات تغطية أو فوائد مخصصة لشركات الطيران التي تستخدم وقود الطيران المستدام، أو التي تمتلك أساطيل فعالة، أو تستثمر في تقنيات خفض الانبعاثات.
  4. المشاركة والتعاون: يمكن لشركات التأمين التعاون مع أصحاب المصلحة في صناعة الطيران والحكومات والجهات التنظيمية لتطوير معايير على مستوى الصناعة لتقليل الانبعاثات لتشجيع الامتثال والابتكار في تكنولوجيات خفض الانبعاثات.
  5. تمويل البحث والتطوير: يمكن أن يكون الاستثمار في البحث وتطوير التقنيات الجديدة التي يمكن أن تساعد في تقليل الانبعاثات في قطاع الطيران بمثابة استراتيجية أخرى. يمكن لشركات التأمين تمويل الشركات الناشئة أو المشاريع التي تعمل على حلول الطيران المستدامة.
  6. الشفافية وإعداد التقارير: يمكن لشركات التأمين أن تطلب من عملائها في قطاع الطيران الإبلاغ عن انبعاثاتها والتقدم المحرز نحو تحقيق أهداف التخفيض. يمكن أن تساعد هذه الشفافية شركات التأمين على تقييم المخاطر بدقة وتقديم تعليقات لشركات الطيران حول أدائها البيئي.
  7. الإفصاح عن مخاطر المناخ: يمكن لشركات التأمين أيضًا الكشف عن المخاطر والإجراءات المتعلقة بالمناخ الخاصة بها للحد من بصمتها الكربونية. وهذا يمكن أن يكون قدوة لعملائهم وأصحاب المصلحة الآخرين في قطاع الطيران.
    ومن خلال تنفيذ هذه الاستراتيجيات، يمكن لشركات التأمين أن تلعب دورًا مهمًا في تشجيع قطاع الطيران على تقليل انبعاثاته والمساهمة في الجهود العالمية للتخفيف من تغير المناخ.
    تجارب بعض شركات الطيران
    نفّذت العديد من شركات قطاع الطيران العالمي مبادرات للعمل على تقليل انبعاثاتها الكربونية.
    فقد نجحت رحلة لإحدى الخطوط الجوية في تجنّب ما يصل إلى 346 طنًا من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، من خلال اختيار الطائرات ذات المحركات الأكثر كفاءة.
    كما استطاعت شركات أخرى خفض 75.2 طنًا من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من خلال تقديم وقود أكثر كفاءة تم اختباره ، و ذلك عن طريق إضافة 40% من وقود الطيران المستدام إلى مزيج الوقود المستخدم خلال رحلاتها الجوية.
    كما تستكشف العديد من شركات الطيران استخدام الطائرات التي تعمل بالبطاريات الإلكترونية المشحونة بدلاً من وقود الطائرات. ففي أواخر العام الماضي، قامت طائرة أليس – وهي طائرة تعمل بالبطارية يمكنها حمل تسعة ركاب وطاقم من اثنين – برحلتها الأولى، حيث حلقت لمدة ساعة تقريبًا. مما يمثل تطوراً مثيراً، حيث يمكن استخدام هذه الطائرات الصغيرة في توصيل البضائع.
    وتدرس الشركات المصنعة أيضًا جدوى الطائرات التي تعمل بالطاقة الشمسية، والتي سيتم تغطيتها بألواح شمسية وتعمل بشكل فعال كأقمار صناعية زائفة قادرة على البقاء عالياً لعدة أيام أو حتى أسابيع أو أشهر في المرة الواحدة.
    التزام منظمة الطيران المدني الدولي في COP28
    تضمن المؤتمر الثامن والعشرون للأطراف COP28 جهدًا عالميًا آخر لمكافحة تغير المناخ، حيث تعتبر المرة الأولى التي يتم فيها الاتفاق على الحد من استخدام الوقود الأحفوري من قبل جميع الدول في قمة الأمم المتحدة السنوية للمناخ.
    وبينما اجتمع الخبراء وزعماء العالم والمجتمع الدولي لمعالجة القضايا البيئية الملحة، كان الطيران أحد القطاعات محل الاهتمام. و بناء على ذلك الاجتماع، قررت منظمة الطيران المدني الدولي (ICAO)، وهي وكالة الأمم المتحدة المسؤولة عن مساعدة 193 دولة على التعاون في شؤون الطيران، التزامها الذي أعلنته مؤخرًا باعتماد إطار عالمي لمنظمة الطيران المدني الدولي بشأن الطاقات النظيفة للطيران.
    ويلتزم هذا الإطار بـ “السعي لتحقيق رؤية عالمية طموحة جماعية” لتقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من الطيران الدولي بنسبة 5 % بحلول عام 2030، من خلال استخدام أنواع الوقود الأنظف مثل SAF.
    مساهمات الدول لتقليل الانبعاثات في قطاع الطيران

نظراً للتحديات التي تواجه القطاع نحو تحقيق الاستدامة والذي يتمثل في أن معظم النمو في الطلب على السفر الجوي يحدث في الأسواق الناشئة التي عادة ما تكون أكبر حجما وأكثر كثافة سكانية ، لذلك قامت بعض الدول مثل النمسا وفرنسا بإصدار تشريعات جديدة لمنع الرحلات الجوية القصيرة نظراً لوجود بدائل ممكنة مثل القطارات، ومن المتوقع أن تحذو تلك التشريعات حذو دول الاتحاد الأوروبي الأخرى.
وبناءً على ما سبق ، أصبح هناك حاجة إلى تدابير دعم الحكومة للتحول نحو مصادر الطاقة المتجددة والمبتكرة. على سبيل المثال، يتضمن قانون الحد من التضخم في الولايات المتحدة أحكاماً تهدف إلى خفض تكلفة إنتاج وقود الطيران المستدام وذلك لتحفيز العرض.
كما أن تطوير بدائل عملية وقابلة للتطوير، مثل الطائرات التي تعمل بالطاقة الكهربائية أو الهيدروجينية للرحلات القصيرة، سوف يتطلب أيضا دعماً ماليا كبيرا.
ولا يقتصر خفض الانبعاثات على مصادر الطاقة المتجددة فحسب – بل سيكون تحسين كفاءة استخدام الطاقة أيضًا أمرًا بالغ الأهمية لتقليل استهلاك الطاقة والانبعاثات في قطاع الطيران. وستكون كل هذه الابتكارات أساسية في تحسين كفاءة استخدام الطاقة وتقليل كمية مصادر الطاقة المتجددة والمستدامة التي يحتاجها قطاع الطيران.

يمكن أن تشهد السنوات القليلة المقبلة عددًا لا يحصى من التغييرات مع انتقال صناعة الطيران إلى عصر تكنولوجي جديد مع تقليل مساهمتها في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناجمة عن النشاط البشري في الوقت نفسه.
من المهم التعرف على فرص وتحديات صناعة الطيران كغيرها من القطاعات الأخرى التي تحتاج إلى الحد من الانبعاثات ، ومع قيام القطاع بإنشاء نماذج أعمال أكثر استدامة من خلال إدخال تحسينات على المحركات والمواد وتحسين التشغيل وإيجاد الحلول لمواجهة زيادة الطلب، و الاستجابة للتوقعات ، فمن المرجح أن تظهر أنواع جديدة من المخاطر. لذلك تحتاج الشركات إلى تحديد وقياس تأثير تغير المناخ على أعمالها في المستقبل القريب والبعيد، مع وجود فهم قوي أيضًا للتغير في ملف المخاطر الناجم عن التحول إلى كربون منخفض.
و تنطوي هذه المبادرات على تحديات وشكوك جديدة لمقدمي خدمات تأمين الطيران، الذين يحتاجون إلى تقييم الفوائد والمخاطر المحتملة لهذه الابتكارات وتعديل أسعارهم واكتتابهم وفقًا لذلك.كما يحتاج قطاع التأمين لدعم هذا التطور، و مساعدة شركات الطيران على تحديد وقياس وإدارة ملفات تعريف المخاطر المتغيرة.
ومن خلال هذه الجهود المتضافرة، لا تعترف صناعة الطيران بدورها في الانبعاثات العالمية فحسب، بل تسعى بنشاط إلى إيجاد حلول مبتكرة لضمان مستقبل مستدام للسفر الجوي. إن الرحلة نحو استدامة الطيران معقدة ومستمرة، ولكن مع كل خطوة، تقترب الصناعة من أفق أكثر خضرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

الاتحاد المصري للتأمين يناقش مفهوم التأمين الإلكتروني

نظم الاتحاد المصري للتأمين ورشة عمل بالتعاون والتنسيق مع شركةJ. B. BODA   وذلك بحضور حوالى…