انهيارات سوق الكريبتو ..وخسائر قياسية ودروس في السيولة والعاطفة

شهدت أسواق العملات الرقمية خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية واحدة من أعنف موجات الهبوط في تاريخها الحديث، إذ فقدت القيمة السوقية الإجمالية للعملات المشفّرة نحو 1.3 تريليون دولار في يوم واحد فقط، لتتعمّق حالة القلق والترقّب بين المستثمرين والمتداولين حول العالم.

ويؤكد خبراء أن ما يحدث هو انعكاس طبيعي لدورة السوق، مشيرين إلى أن مرحلة من الهدوء النسبي ستتبع هذه الموجة العنيفة قبل أن يبدأ السوق في بناء اتجاه جديد. ويرون أن الانهيارات الحالية ليست نهاية المشهد، بل بداية لمرحلة إعادة تقييم، سواء من قبل المؤسسات الكبرى أو المستثمرين الأفراد الذين اندفعوا خلف موجات الصعود السابقة دون دراسة كافية.

وأوضح أحد المحللون أن الأسواق لا تعاقب من يخطئ، بل من لا يتعلم. هذا درس في السيولة، والذكاء، والعاطفة. خذ استراحة، راجع استراتيجيتك، وارجع عندما تكون عاطفتك تحت سيطرتك.

ويترجم هذا بدقة الحالة النفسية التي يعيشها المستثمرون في سوق الكريبتو اليوم، إذ تسيطر العاطفة والخوف على قرارات البيع والشراء، وهو ما يزيد من حدة التذبذب ويعمّق الخسائر.

ويحذر المحللون من التعامل مع الوضع الحالي بتسرّع، داعين إلى درجة عالية من الحذر والانضباط. ويقول أحد الخبراء إن “سوق الكريبتو حتى وإن لم تتأثر به بشكل مباشر، لا تبتعد عنه كليًا، فهذه الفترات الفوضوية تخلق فرصًا تعليمية واستثمارية حين تكون العواطف في ذروتها والأسعار غير منطقية.”

وأكد الكاتب ورجل الأعمال الأمريكي روبرت كيوساكي أنه ما زال يفضل الاستثمار في الذهب والفضة، والعملات الرقمية مثل بيتكوين وإيثيريوم، والعقارات المدرة للدخل، وموارد الطاقة الحقيقية، موضحا أن بنك مورغان ستانلي بدأ بدوره في الترويج لنموذج جديد يقوم على 60/20/20، بحيث يخصص60% للأسهم، 20% من المحافظ للذهب و20% للسندات، باعتباره مسارًا أكثر استقرارًا نحو الحرية المالية.

ويرى آخرون أن السوق ربما وصل بالفعل إلى نهاية دورة سعرية، وهو ما قد يمهد لموجة جديدة من التصحيح وإعادة التوازن، مؤكدين أن التجارب السابقة تثبت أن كل انهيار في عالم الكريبتو كان مقدمة لصعود جديد، ولكن فقط لمن تعلم من الدرس ولم يندفع بالعاطفة.