الدكتور حسين أباظة المستشار الدولي للتنمية المستدامة والإقتصاد الأخضر .. يكتب “المدخل البيئي للتنمية… البناء المستدام للإنسان والإقتصاد”
يشهد العالم تحولات متسارعة وغير مسبوقة، جعلت النظر إلى التنمية المستدامة بمعزل عن البعد البيئي امرا لم يعد بالإمكان. فالعالم يدفع اليوم ثمن تجاهله لعقود طويلة لما تمثله البيئة من ركيزة أساسية لاستمرار الحياة والاقتصاد معًا. ولهذا، فإن أي حديث عن تنمية حقيقية يجب أن يبدأ من البيئة، لا أن ينتهي عندها.
وأجد أن إحدى أهم الخطوات نحو هذا التحول تكمن في دمج البعد البيئي في مناهج التعليم. فالتربية البيئية ليست نشاطًا هامشيًا، بل هي استثمار في وعي الأجيال القادمة. عندما يدرك الطلاب منذ الصغر أن البيئة ليست مجرد موارد تُستهلك، بل منظومة متكاملة ترتبط بحياتهم وصحتهم ومستقبلهم المهني، نكون قد وضعنا الأساس لتنمية تمتد آثارها لعقود. التعليم هنا لا يقتصر على النظريات، بل يشمل الممارسة اليومية، وغرس قيم المسؤولية البيئية في سلوك الأفراد والمؤسسات على حد سواء.
وأرى أنه لا يمكن الحديث عن تنمية مستدامة دون تمكين المرأة والشباب، فهما المحرك الحيوي لأي تحول حقيقي. المرأة اليوم شريك فاعل في صياغة الحلول البيئية، سواء من خلال ريادة الأعمال الخضراء أو المبادرات المجتمعية. أما الشباب، فهم جيل المستقبل القادر على تبنّي التكنولوجيا النظيفة والابتكار في مجالات الطاقة المتجددة وإعادة التدوير والاقتصاد الدائري. إن إشراكهم بفعالية لا يضيف فقط طاقة جديدة إلى مسار التنمية، بل يعزز عدالة الإجتماعية وصناعة المستقبل المشترك.
لكن هذا الطموح لن يتحقق ما لم ندرك أن المدخل البيئي هو الأساس لأي عملية تنموية، على أن يتكامل مع البعد الاقتصادي. فالتنمية التي تنطلق من الاقتصاد وحده قد تحقق مكاسب قصيرة المدى، لكنها لا تضمن الاستدامة. أما التنمية التي تبدأ من البيئة، وتستثمر في مواردها الطبيعية بشكل مسؤول، فهي التي تخلق اقتصادًا قويًا وقادرًا على التكيف مع التغيرات المناخية.
الاستثمار في البيئة ليس كلفة إضافية كما يظن البعض، بل هو استثمار في استقرار الاقتصاد والأجيال القادمة. فكل دولار يُنفق على حماية البيئة، يعادل أضعافه في تقليل الخسائر الناتجة عن الكوارث البيئية أو تدهور الموارد.
ودائما ما أشدد خلال محاضراتي بمبادرة كن سفيرا على أهمية أن تكون التنمية قائمة على التشاركية، فلا يمكن للتنمية أن تتحقق في فراغ أو بجهود منفردة، فنجاحها يعتمد على نهج تشاركي يجمع بين الدولة والقطاع الخاص والمجتمع المدني والأفراد. التشاركية ليست مجرد تعاون شكلي، بل هي آلية لبناء الثقة وتبادل المعرفة وتوحيد الرؤى حول أهداف التنمية.
إن مستقبل التنمية المستدامة يبدأ من تغيير طريقة التفكير: من النظر إلى البيئة كعبء، إلى رؤيتها كفرصة. فرصة لبناء اقتصاد أخضر، وتعليم واعٍ، ومجتمع تشاركي تقوده المرأة والشباب نحو مستقبل أكثر توازنًا وإنصافًا.
حريق سنترال رمسيس .. مصر للتأمين تسدد 200 مليون جنيه دفعة أولى للمصرية للإتصالات
أعلنت شركة مصر للتأمين بسداد مبلغ وقدره 200 مليون جنيه مصري دفعة اولى تحت حساب التعو…







